كلية السياحة و الفنادق

          قسمالإرشاد السياحي

 

بحث عن :

تطور القباب
 

 

 

 


إشراف:

د. محمد مدكور
 

 

 


إعداد:

محمد علي عباسي

 

2005- 2006

تاريخ العمارة

 

لعل فن العمارة الإسلامية من أهم وأقدم الفنون التي عرفها العالم فقد نشأ الفن الإسلامي في القرن الأول الهجري (السابع الميلادي) ونما حتى بلغ مرحلة الشباب في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي.

      

يعتبر فن العمارة من أوسع الفنون انتشاراً فنجد أن الإمبراطورية الإسلامية امتدت من أقاصي البلاد شرقاً في آسيا وغرباً للأندلس وبلاد المغرب وشمالاً لصقلية وجنوب إيطاليا حتى نهاية اليمن في الجنوب لذلك كان من الطبيعي أن الأساليب المعمارية في الإمبراطورية الإسلامية الواسعة لم تكن ذات طراز مماري واحد فهى تختلف وتتميز عن بعضها في كل إقليم في العصور المختلفة فالمنشآت المعمارية تختلف في مواد العمارة نفسها وفي أنواع الأعمدة وتيجانها والعقود وفي المآذن والقباب والدلايات وفي هذا البحث سوف نتطرق لدراسة القباب تفصيلياً منذ ظهورها حتى يومنا هذا، وقد نجد أن الغالب على الجماعة الإسلامية الناشئة في عصر النبي وفي عصر الخلفاء الراشدين من بعده البساطة وخشونة العيش ولم يعرف عن العمارة في ذلك العهد سوى دار الرسول وبعض المساجد ذات جدران من اللبن وأسقف من زعف النخيل محاطة بجدران أربعة وقد تحاط بخندق محفور كما هو الحال في مسجدي الكوفة والبصرة وكذلك مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، وكان السقف مقاماً على أعمدة من جذوع النخل أو الأعمدة الحجرية.

      

وعلى أثر استيلاء الأمويين على الخلافة وانتقال عاصمة الدولة الإسلامية من المدينة إلى دمشق قام الفن الإسلامي الأول وظهر الطراز الأموي الذي يعتبر أول الطرز المعمارية الإسلامية.

 

أولاً: الطراز الأموي:

       وهو أول الطرز المعمارية الإسلامية وأقدمها وقام في سوريا وفلسطين. وقد تأثر فيها المسلمون بالعمارة المسيحية وبدأوا تشييد مساجد توازي في جمالها وعظمتها كنائس المسيحيين وانتقل الطراز الأموي في الفنون الإسلامية من الشام إلى باقي الأقاليم الإسلامية ونجد أن الأمويين اهتموا بالمساجد التي أنشئت في عصر الخلفاء الراشدين (الكوفة والبصرة وعمرو بن العاص والمسجد النبوي) ولكن ازدهار فن العمارة الإسلامية ظهر على يدهم فيما شيدوه من مساجد كالجامع الأموي بدمشق والمسجد الأقصى وقبة الصخرة في بيت المقدس وجامع الزيتونة في تونس وجامع سيدي عقبة في القيروان.

       ونجد أن قبة الصخرة في بيت المقدس والمسجد الأموي بدمشق من أبدع العمائر في الشام أما قبة الصخرة فهى في الحرم الشريف ببيت المقدس (هى منطقة مقدسة عند الساميين القدماء).

       وقد تم بناء القبة عام 72 هجري الموافق 691 ميلادي على يد الملك بن مروان وهى بناء من الحجر الطبيعي. مسقطها الأفقي مثمن الشكل من الخارج تعلوه سبع نوافذ في كل ضلع تعلوها القبة الدائرية التي تحوي ست عشر نافذة (شكل   ). وبعد سقوط دولة بني أمية وانتهاء العصر الأموي ظهر طراز جديد وهو الطراز العباسي الذي ظهر بظهور الدولة العباسية وانتقال العاصمة إلى مدينة بغداد بالعراق.

 

ثانياً: الطراز العباسي:

       ظهر ذلك الطراز بظهور الدولة العباسية ببغداد وفيه تغيرت أساليب العمارة وغلبت الأساليب الفنية الساسانية على الفنون الإسلامية، وقد شيد الخليفة المنصور مئذنة بغداد عام 762ميلادي وفيه تم بناء المسجد الجامع في سامراء ومسجد الرقة وأبي دلف بالعراق ثم جامع أحمد ابن طولون بالقاهرة وجامع نابلين في إيران.

       ونجد أن المسجد الجامع شيد ما بين 234هـ إلى 237 (849م-852م) ولكنه لم يبق منه إلا السور الخارجي.

       أما جامع أحمد بن طولون فقد تم بناءه عام 265هـ (878م) وهو عبارة عن صحن مكشوف وتحيط به أروقة من جوانبه الأربعة وهو مبني بالطوب الأحمر تغطيه طبقة سميكة من الملاط تعلوها طبقة بيضاء من الجص ونجد أنه يتوسط الصحن فسقية داخل فناء مربع التخطيط تعلوه قبة محمولة على صفوف من المقرنصات.

       ثم يأتي بعد ذلك طراز جديد للعمارة الإسلامية وهو الطراز الفاطمي الذي ظهر بظهور الفاطميين بالقاهرة.

 

ثالثاً: الطراز الفاطمي:

       في عصر الفاطميين أنشئت مدينة القاهرة وشيدت الأسوار الحربية للدفاع عنها يكتنفها بوابات وأبراج للدفاع عنها. وكان من أهم أعمال الدولة الفاطمية الجامع الأزهر بالقاهرة وجامع الحاكم وجامع الأقمر جامع الجيوشي وجامع الصالح طلائع فضل  عن أسوار القاهرة التي تميزت بالطابع الإسلامي في شمال إفريقيا وجزيرة صقلية.

·  نجد أن الجامع الأزهر أنشئ بالقاهرة على يد القائد جوهر الصقلي عام 361هـ (972م)، ونجد أن ذلك المسجد بنى ليكون جامعاً للقاهرة الفاطمية وليحل مقام الجامع الطولوني بالقطائع وجامع عمرو بالفسطاط وكان بذلك المسجد ثلاث قباب إحداهما في المنطقة التي تعلو المحراب الأصلي وواحدة في كل مكان من ركن رواق القبلة (شكل  ).

·  أما الجامع الحاكم فقد تم بنائه في عصر الحاكم بأمر الله عام 403هـ (1013م) ونجد أنه بنى على مثال جامع بن طولون الصحن يحيطه أربع إيوانات أكبرها إيوان القبلة في طرف هذا الإيوان قبتين بينهما قبة ثالثة فوق المحراب. يلاحظ أن طريقة انتقال القبة من المربع إلى الدائرة في قباب رواق القبلة كانت باستعمال المحاريب الركنية التي أخذها المسلمون عن الساسانيين.

·  جامع الجيوشي وهو زاوية صغيرة تقع على حافة جبل المقطم خلف القلعة ويعلو المدخل مئذنة فريدة في شكلها ولها أهمية خاصة بالنسبة لتطور المآذن في مصر حيث أن المئذنة تنتهي من أعلاها بقبة صغيرة مضلعة. نجد أنه توجد قبة أخرى في المنطقة التي تتقدم المحراب. ونجد أن منطقة القبة قد تحولت من المربع إلى المثمن بواسطة محاريب ركنية تعلوها قبة مثمنة بكل ضلع من أضلاعها الثمانية فتحة معقودة بعقد مدبب والجزء العلوي قبة مستديرة (شكل  )، نجد أن القبة مغطاة من الداخل بزخارف فاطمية الطراز وكتابات كوفية.

جامع الأقمر:

       بنى عام 519 هـ (1125م) ويقع بشارع المعز لدين لله وبناه الخليفة الآمر بأحكام الله. ويعتبر ذلك الجامع من أجمل المساجد الفاطمية على الإطلاق ويمتاز بجمال زخرفة واجهته وهى من أول الواجهات المزخرفة في المساجد المصرية وهى مبينة من الحجر ويتكون المسجد من صحن به أربعة أروقة مكونة من قباب منخفضة محمولة على مثلثات كروية وهنا يظهر التأثير البيزنطي في طريقة التشييد للقبة (شكل  ).

جامع الصالح طلائع:

أنشأه الصالح طلائع بن رزيك عام 555هـ (1160م) ويقع في ميدان باب زويلة وهو آخر آثار الفاطميين في مصر ويطلق على هذا الطراز من المساجد اسم المساجد المعلقة ويوجد بالمسجد زخارف مكونة من حشوات هندسية بداخلها زخارف نباتية وهى تمثل حلقة الاتصال ما بين الزخارف الفاطمية إلى الأشكال الهندسية المتعددة الأضلاع القربة من الأشكال النجمية وهى المميزة للطراز المملوكي ونجد أن زخارف المنبر تشبه إلى حد كبير زخارف العصر الأيوبي.

 

رابعاً: الطراز الأيوبي:

       وظهر ذلك العصر بقدوم صلاح الدين الأيوبي ويلاحظ أن العمارة والفنون الإسلامية ازدهرت في ذلك العصر ومن ميزات ذلك الطراز تطور المئذنة وكذلك القبة إذ تعددت فيها حطات المقرنصات، ومن أهم بنايات ذلك العصر قبة ومسجد الإمام الشافعي ويقع في شارع الإمام الشافعي وأنشأها الملك الكامل محمد عام 608هـ (1211م) وهى قبة خشبية ومكسوة بالرصاص وكسيت جدرانها من الداخل بالرخام وتعتبر قبة الإمام الشافعي من أجمل قباب مصر الإسلامية وتنتهي القاعدة المربعة من الخارج من أعلاها على ارتفاع 10.62 أمتار بشرفة ارتفاعها 1.0 متر بها شوافات مسننة جميلة بأسفلها محاريب ذات عقود مثلثة وفوق القاعدة ومقرنص القبة مكون من ثلاث حطات مزخرفة وهنا يبدأ تعدد طاقات المقرنص إذ كان قبل ذلك يتكون من حطتين في نهاية العصر الفاطمي كما في ضريح السيدة رقية (شكل  ).

وفي قبة الشافعي نجد أن الحطة السفلية مكونة من خمسة حنايا تعلوها سبعة في المنطقة الوسطى من ثلاثة في المنطقة العلوية وبقمة القبة يوجد قارب برونزي (عشاري).

 

خامساً: الطراز المملوكي:

       وهو يعتبر العصر الذهبي في تاريخ العمارة الإسلامية في مصر ففيه ذاع بناء المدافن الكبيرة (مدفن قايتباى وبرقوق بالصحراء الشرقية المصرية)، وكان فيها نوع من الإتقان في شتى العناصر المعمارية كالقباب والزخارف وفيه بنى مسجد الظاهر بيبرس وجامع السلطان حسن).

مسجد الظاهر بيبرس:

       بنى عام 1266م وهو يشبه في تخطيطه مسجد أحمد بن طولون ويلاحظ فيه أنه به أكبر مساحة للقبة إذ يشغل ثلاث بلاطات من رواق القبلة.

 

مدرسة وضريح قلاوون بالنحاسين:

       وأهم ما يسترعي النظر بتلك المجموعة المعمارية القبة التي تعلو الضريح فهى مقامة  على قاعدة مثمنة مكونة من أربع دعائم مربعة وهذه الدعائم تحمل عقوداً مدببة تعلوها رقبة مثمنة بها نافذة في كل ضلع من أضلاعها ثم تعلو تلك الرقبة المثمنة قبة مستديرة ونجد أن قطاع القبة من الخارج على شكل عقد مدبب بيضاوي الشكل ويسندها أكتاف ساندة موضوعة فوق أركان المثمن الخارجي.

مدرسة الناصر وضريحه بالنحاسين:

يمتاز المبنى بالقبة ذات المقرنصات التي تعلو غرفة الضريح.

مسجد الناصر بالقلعة:

فيه نجد أن القبة التي تعلو المحراب تشغل ثلاث بلاطات مربعة (شكل  ).

مدرسة السلطان حسن:

وتقع  بميدان صلاح الدين وأنشأه السلطان حسن بن قلاوون (1362م) وهو من أجمل الآثار الإسلامية في القاهرة إذ أن مبانيها تجمع ما بين قوة البناء وعظمته ودقة الزخارف وجمالها وهى تتكون من أربع إيوانات وأكبر الإيوانات إيوان القبلة ويوجد خلفه ضريح يتكون من قاعة مربعة تعلوها قبة محمولة على ست صفوف من المقرنصات المصنوعة من الخشب المنقوش والذهب.

 

سادساً: الطراز السلجوقي:

       السلاجقة هم قبائل من التركمان الرحل قدموا من آسيا الوسطى واستقروا في الهضبة الإيرانية وقد استخدموا الزخارف المجسمة خاصة في الواجهات مثل القبة الصغرى في مسجد الجمعة بأصفهان بنى عام 481هـ (1088م). ونجد أن السلاجقة تميزوا ببناء العمائر ذات القباب والأقبية وتميز بالعناصر الزخرفية الهندسية.

 

 

سابعاً: الطراز الإيراني المغولي:

       يمتاز ذلك الطراز بأنه مشبع بالأساليب الفنية الصينية ونجد أن العمارة الإسلامية زادت أناقة واتزان ونجد أن الفنانون اهتموا بالمقرنصات واستخدامها في تزيين المباني.

 

ثامناً: الطراز المغربي:

       لم يتأثر هذا الطراز بغيره من الطرز الإسلامية تأثراً كبيراً وكان تطوره بطيئاً مقارنة بباقي الطرز الإسلامية ونجد أن المساجد بوجه عام في المغرب هي عبارة عن صحن داخلي تحفه البواكي وفي وسطه فسقية والغالب في هذا الطراز الإسراف في عناصر الزخرفة.

 

تاسعاً: الطراز الصفوي:

       أسستها الأسرة الصفوية وهى أول الأسرات التي أصبح المذهب الشيعي لها المذهب الرسمي للدولة الإيرانية ومن أبدع العمائر بها جامع الشيخ صفي الدين أردبيل ومدرسة مادرشاه.

 

عاشراً: الطراز الهندي المغولي:

       نشأ ذلك الطراز في ظل أسرة المغول الهندية وهو الطراز الهندي الإسلامي، وامتازت العمارة الهندية الإسلامية بالأضرحة الضخمة وأشهرها تاج محل ومسجد الجمعة بدلهي ويتميز ذلك الطراز بقبته البصلية الشكل.

 

الحادي عشر: الطراز العثماني:

       قامت الدولة العباسية وعملت على مد سلطانها في بلاد الجزيرة والشام ومصر وفيها ازدهرت الفنون والعمائر الدينية العثمانية وهى كانت حركة انتقال من الطراز السلجوقي إلى الطراز العثماني.

       ومن أمثال المساجد التركية الجامع الذي شيده محمد على في قلعة الجبل بالقاهرة عام 1246هـ (1830م) ويوجد أمام المسجد من الجهة الغربية صحن مربع تقريباً تدور حوله أربعة أروقة محمولة على أعمدة فوقها قباب صغيرة ويتوسط ذلك الصحن قبة تقوم على ثمانية أعمدة وهى مكان للوضوء أما القسم الشرقي فهو المسجد ويتكون من صحن المسجد الرئيسي مربع الشكل تتوسطه قبة كبيرة تحملها أربع عقود كبيرة على أربعة أكتاف وتحف بالقبة أربعة أنصاف قباب.